ما زال مشروع قانون تنظيم مهنة المحاماة يثير موجة واسعة من الجدل والاحتقان داخل أوساط المحامين بالمغرب، في ظل استمرار رفض جمعيات وهيئات المهنة للصيغة النهائية المحالة على البرلمان، والتي يعتبرونها متعارضة مع ما تم الاتفاق عليه خلال جلسات الحوار مع وزارة العدل.
وفي خضم هذا التوتر، اختار وزير العدل عبد اللطيف وهبي عدم التفاعل مع سؤال شفهي تقدمت به النائبة البرلمانية عن حزب جبهة القوى الديمقراطية، شفيقة لشرف، خلال جلسة مساءلة الحكومة بمجلس النواب، والذي همّ المستجدات المرتبطة بمشروع القانون رقم 66.23 المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة.
وخلال الجلسة، عبّر وهبي عن رفضه لمضمون السؤال، موجها حديثه إلى رئيس الجلسة عبد المجيد الفاسي الفهري، بالقول إن السؤال المطروح لا ينسجم مع موضوع “المستجدات” كما ورد في الصيغة الرسمية، مضيفاً بلهجة دارجة أن ما جاء في السؤال “لا علاقة له بما بحوزته”.
السؤال البرلماني الذي أثار تحفظ الوزير، شددت من خلاله النائبة لشرف على أن الصيغة النهائية لمشروع القانون أثارت رفضاً واسعاً وسط المحامين، سواء عبر بيانات الهيئات المهنية أو الجمعيات الشبابية واتحاد المحامين العرب، معتبرة أن المشروع يمس مبادئ أساسية للمهنة، وعلى رأسها استقلالية الدفاع وحصانته.
وأشارت النائبة إلى أن وزارة العدل عقدت، حسب قولها، ما يقارب 40 اجتماعاً تشاورياً مع جمعيات وهيئات المحامين، تم خلالها الاتفاق على جملة من الضمانات والتعديلات، قبل أن يُحال المشروع بصيغة مغايرة لما تم التوافق بشأنه، متسائلة عن أسباب هذا التراجع.
ورغم امتناع الوزير عن الرد، عادت البرلمانية لشرف، وهي محامية أيضاً، لتؤكد أن المستجدات المقصودة تتعلق تحديداً بما يروج حالياً حول “النكسة التشريعية” التي تضمنها المشروع، معتبرة أن رفض الوزير الإجابة من شأنه تعميق الأزمة وزيادة منسوب الاحتقان داخل المهنة.
وقالت مخاطبة وهبي إن تجاهل هذا الجدل لا يخدم لا الحوار ولا استقرار منظومة العدالة، مشددة على أن الرأي العام المهني ينتظر توضيحات حول كيفية معالجة هذه الأزمة المتفاقمة.
ويأتي هذا السجال البرلماني في سياق تصاعد ردود الفعل الرافضة لمشروع القانون 23-66، حيث أعلنت جمعيات هيئات المحامين ونقباء المهنة عن إطلاق نقاش مؤسساتي مفتوح، يهدف إلى تجميع الملاحظات والمقترحات تمهيداً لصياغة تصور موحد لمستقبل المهنة والتحديات التي تواجهها.
ومن المرتقب أن تحتضن هيئة المحامين بمراكش، يومي 2 و3 يناير 2026، اجتماعاً استثنائياً لمكتب جمعية هيئات المحامين ومجلسها، في إطار مواصلة التشاور حول سبل التعامل مع المشروع المثير للجدل.
وكانت جمعية هيئات المحامين بالمغرب قد أكدت، في بلاغ سابق، أن الصيغة النهائية للمشروع “غير متوافق عليها” وتتناقض مع خلاصات الحوار الذي جمعها بوزارة العدل، مطالبة بسحب المشروع والعودة إلى الصيغة المتفق بشأنها، حفاظاً على مبدأ التشاركية وضماناً لاستقلالية المهنة ومكانتها داخل منظومة العدالة.