أخبار عاجلة
prev next

هل نصنع خريطة لمستقبل عربى؟!

عزالدين سعيد الأصبحى

 

هل نحن أمام خريطة جديدة للشرق الأوسط تتشكل ثانية؟.

المنطقة التى حظيت بعبقرية المكان، شهدت خلال ثمانية عقود تبدلات عجيبة، لا ثبات فيها غير عدم الاستقرار واستمرار التشظي! ومحاولات لا تتوقف للسيطرة عليها أو التحكم بمواردها.

وأمام تتابع الأحداث فى الأسابيع الماضية وجدنا أنفسنا ثانية فى حالة ترقب وذهول عجيب وأسئلة مفتوحة لا تنتظر إجابات فورية. فهنا قمة عربية تنتهى ومرحلة جديدة تبدأ من الترقب، وقبلها بأسبوع لا أكثر الأمم المتحدة تحتفى بذكرى نكبة فلسطين لأول مرة منذ خمسة وسبعين عاما، ويثير ذاك حنق الكيان الاسرائيلي.

 

تعود الحقيقة الثابتة التى يهرب الكل من مواجهتها والقائلة إن مفتاح الاستقرار فى كل المنطقة العربية، يكمن فى حل القضية الفلسطينية وعودة اللاجئين إلى ديارهم، ولكن من يسمع ذلك وسط هذا الضجيج؟ وذاك سؤال أيضا يقبع فى خانة الانتظار ولا ننتظر ردا له. وبقية الصورة لما حولنا هى مجرد إيقاعات لحالة التمزق والترقب.

فى كل زاوية من هذا الشرق المحاصر بالأطماع والمحكوم بالتشظى وقلة الحيلة، قنبلة مؤقتة.

ففى اليمن يحتفل الشعب فى اليوم الثانى والعشرين من مايو بعيد وحدته الثالث والثلاثين وهو يعانى من حربا قاتلة ومشاريع تجزئة لا تنتهى !.
وهاهى سوريا تعود إلى جامعة عربية منهكة، فالجامعة التى شكلت يوما مظلة للدول العربية تظهر بعد سبعة عقود وقد هرمت أكثر مما يجب ! ولا تجد من دولها الأعضاء النجدة الكافية.

فالكل محاصر بالهم، وكل المنطقة فى ترقب مشدود إلى إيجاد تهدئة مطمئنة مع الإقليم خاصة مع إيران ويسأل إلى أين يمكن أن تذهب الأمور؟، وهل تقبل أذرع الحرس الثورى الممتدة فى المنطقة من بيروت إلى صنعاء بفكرة السلام مع شعوبها؟ وتقبل بتغيير منهج العنف الذى تتبناه إلى مبدأ القبول بالآخر؟ تلك أسئلة تضاف إلى قائمة الانتظار.

ماذا عن التدخل الدولي، وماذا يقول الطالع فى الفلك الصيني، هل ستغدو الحكمة صينية كما تقول كتب التنبؤات؟ ويتراجع حقا الدور الأمريكى رغم كل حضور أخطبوط أجهزته الأمنية والاقتصادية والعسكرية فى المنطقة؟ أو كما قال متحدث الخارجية الإيرانية ناصر كنعانى الأسبوع المنصرم: إن الولايات المتحدة الأمريكية لم تعد قوة عظمى فى العالم، ولم يعد هناك نظام قطبى واحد. ويبرز مع هكذا قول: وهل التنين الصينى صار بديلا حاضرا؟.لا إجابات محددة ولكن اجتهادات مرهقة تحركها مصالح ومعلومات محدودة.

 

قبل عشرين عاما كانت نفس الأسئلة تطرح نفسها وكانت أمريكا ( بوش)، آنذاك تصوغ مشروعا سيظهر فى 2004 عبر قمة الدول الصناعية الثمانى (قبل إخراج روسيا من القائمة لتصبح الدول السبع الآن)، آنذاك فى سى ايلاند الأمريكية فى نهار صيفى من يونيو 2004 ، أُطلقت فكرة الشرق الأوسط الكبير ووضعت معه برامج عدة حول ضرورة الإصلاحات المنتظرة من دول المنطقة، وتم وضع خريطة ممتدة للدول العربية مضاف إليها إيران وتركيا وباكستان وأفغانستان.

قيل يومها إن شرقا جديدا سيبعث، وخريطة جديدة تتشكل، ووضعت أفكار محددة وخطوات لإصلاح لم يتم، طرحت يومها نظرية التضحية بالحريات مقابل الأمن فى الدول والإقليم، ولكن بعد أقل من عقد من الزمن فقط وماراثون المؤتمرات والحملات السياسية، ذهب الأمن ولم تأت الحريات.

شاء الحظ وطبيعة العمل أن أكون قريبا من معظم مؤتمرات عدة حول الشرق الأوسط الجديد، أو كلها تقريبا من مؤتمر منتدى الإصلاحات والمستقبل فى 2004 وحتى منتدى المستقبل فى 2012، ووثقتُ الخطوة آنذاك فى كتاب صدر لي قبل سنوات. وتلك قصة تحتاج إلى وقفة أخرى وتحليل آخر خاصة بعد عقد ونيف من الزمن المتسارع الإيقاع. فمع كل صراع دولى تظهر فكرة وتختفى أخرى وكلها خطط وأفكار مشغولة بهذه المنطقة المتخمة بالنعمة والنقمة!.

لنجد أنفسنا خلال أربعة عقود على الأقل فى دوامة لم تتوقف، من شتاء يكرس لتثبيت الأنظمة على حساب الشعوب إلى ربيع قاس لم يكتمل.
ولكن ابقى الآن فى دوامة السؤال الكبير، هل المصالحات الإقليمية الراهنة ستصنع خريطة أخرى قائمة على التعاون؟ فى أكبر وأهم نقطة اتصال للعالم؟ ذاك أملنا نحن لا أمل العالم المتربص!.

ولكن واقع الحال يقول إننا بحاجة إلى تعزيز وحدة الصف فى أوطاننا أولا، ووقف أى تمزيق لكيانات بلداننا حتى تستقيم الأمور وتكتمل الصورة الجميلة، ويتحقق الحلم بمنطقة عربية مستقرة متكاملة مجسدة للتعاون، حتما ستكون الأكثر حضورا عالميا إذا قدر لها أن تستقر.

ولا يمكن أن تكون هناك منطقة مزدهرة إذا بقى هناك يمن ممزق وسودان جريح ولبنان معطل وليبيا قلقة وفلسطين مستلبة وسوريا متشظية.
إذا أردنا شرقا مشرقا لابد من تعزيز مصالحات وطنية جادة تعزز استقرار البلدان التى ستصنع خريطة المنطقة العربية كلها، وستكون خريطة جديدة يرسمها أهلها تعيد الاعتبار للأمة وتاريخها، لاخريطة ملغومة جديدة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

أخبار عاجلة
prev next